كلمة سمير عادل الأمين العام للجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني

مرحبا بجميع الحضور من الأخوات والإخوة، والرفيقات والرفاق

باسمي وباسم المجلس المركزي للجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني، نشكركم على حضوركم لهذا المؤتمر الأول الذي يُعقد عبر الزوم (أونلاين). وفي نفس الوقت نود اخباركم اننا سنعمل بكل جهد، ووفق خططنا، على عقد مؤتمر حضوري في المستقبل القريب. نتطلع من الجميع المساهمة في إنجاح أعمال هذا المؤتمر.

نعقد هذا المؤتمر في وقت يشهد فيه العالم، بوضوح تام، ذروة الوحشية العسكرية التي تمارسها الأنظمة الرأسمالية—حروب وجرائم وتوسّع في النزعة العسكرية والعنصرية والتمييز العرقي، إلى جانب أعنف الهجمات على مستوى معيشة الطبقة العاملة. اليوم، في جميع أنحاء العالم، نرى الطبقة العاملة تقاوم هذه الأنظمة الوحشية، وتسعى للدفاع عن إنجازاتها الحالية وضمان رفاهها وحريتها وأمنها. ولا يظهر هذا النضال أكثر وضوحًا مما هو عليه في فلسطين، حيث يواجه الشعب الفلسطيني القمع المستمر والتجريد المنهجي من حقوقه. فالطبقة العاملة الفلسطينية، جنبًا إلى جنب مع باقي فئات الشعب، تقاوم ليس فقط الاستغلال الاقتصادي، بل أيضًا الاحتلال العسكري والعنف الاستعماري. إن نضالهم لا يقتصر على تحسين ظروف المعيشة فحسب، بل يمتد ليشمل التحرر الوطني، والكرامة، والحق في الوجود على أرضهم. وتشكّل هذه المقاومة المستمرة جزءًا من النضال العالمي الأوسع ضد القمع، حيث تتوحد الشعوب والعمال المضطهدون في كفاحهم من أجل العدالة وتقرير المصير.

أيها الأعزاء، إن انعقاد مؤتمرنا اليوم يُعد خطوة مهمة في تعزيز التضامن العمالي مع القضية الفلسطينية. مؤتمرنا يحمل عنوان “الطبقة العاملة والقضية الفلسطينية” تحت شعار "لا للتهجير.. نعم لدولة فلسطينية مستقلة، ويهدف، كما هو الحال عند تأسيس الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني، إلى بناء صف عمالي مستقل عن الحكومات والدول، وإرساء أسس تيار وحركة تمتلكان مصالح مباشرة في الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية. 

نحن على يقين بأن الطبقة العاملة، إذا ما وحدت صفوفها ورفعت رايتها التحررية، ستترك تأثيرًا عظيمًا على الحركات التحررية والثورية في المجتمع، ليس فقط في ما يتعلق بمطالبها، بل تجاه جميع المطالب العادلة لمختلف الفئات المحرومة في المجتمع. كما أننا على قناعة تامة بأن الطبقة العاملة وحدها قادرة على التصدي لسياسات الإدارات الأمريكية التي تدعم الجرائم والسياسات الإسرائيلية، والتي لا يمكن وصفها إلا بالنازية، لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط.

صحيح أن الحركة المناهضة للفاشية والحرب والداعمة للقضية الفلسطينية خلال العام الماضي كان لها وقعٌ مهم، ولعبت دورًا في الضغط على الحكومات لاتخاذ خطوات مثل قرار محكمة العدل الدولية القاضي بوقف الحرب لفترة وجيزة، وإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب، فضلًا عن مساهمتها في تحقيق هدنة مؤقتة سمحت بدخول بعض المساعدات الإنسانية. بيد ان المأساة لا زالت مستمرة وعاودت الدولة الفاشية بقتل المزيد من المدنيين في غزة تحت مبررات سخيفة.

وهنا نريد الإشارة دون أي لبس، بأن الشيء المؤكد هو أنه عندما يوقف العمال إنتاج الأسلحة في المصانع الحربية، وعندما يمتنع عمال الموانئ عن تحميل الأسلحة والمعدات إلى السفن المتجهة إلى إسرائيل مثلما قام رفاقنا العمال الموانئ في السويد في او في إيطاليا وفي اسبانيا وفي الولايات المتحدة الامريكية التي لا تنقل عبر وسائل الاعلام او يتم عليها التعتيم من قبل الاعلام البرجوازي المأجور ، وعندما يوقف عمال النفط ضخّه إلى الأسواق العالمية، عندها فقط ستعيد الدول الداعمة لإسرائيل النظر في استمرار دعمها لكيان مارق لا يجيد سوى البلطجة والاستهتار بحياة الأبرياء، والاستحواذ على أراضي الفلسطينيين، وطردهم، واعتقالهم، وقتلهم بدم بارد.

لطالما كانت القضية الفلسطينية ورقة سياسية تتلاعب بها القوى المحلية والإقليمية والدولية، وسالت دماء مئات الآلاف من الأبرياء تحت شعارات مثل “تحرير فلسطين” دون تحويل هذه الشعارات إلى سياسات عملية. والسبب هو أن هناك أطرافًا، سواء في الطبقة الحاكمة الإسرائيلية (بيمينها ويسارها)، أو في الإدارات الأمريكية التي تكتفي بالحلول الدعائية، بالإضافة إلى قوى أخرى، تريد استمرار الظلم القومي بحق الفلسطينيين والاستمرار في استغلال هذه القضية لتحقيق مكاسبها.

إن الطبقة العاملة وحدها القادرة على انتزاع القضية الفلسطينية من قبضة الأنظمة السياسية والدول التي تتلاعب بها لخدمة مصالحها.

أيها الحضور الكرام،

من منظورنا العمالي ومن منظور استراتيجية الجبهة العمالية الموحدة، فإن القضية الفلسطينية تبقى إحدى القضايا القليلة العالقة على طاولة المجتمع الإنساني. وإن تحرير الشعب الفلسطيني من الظلم القومي وتاسيس دولته المستقلة سيحقق ما يلي:

• لا سلام في الشرق الأوسط، ولا حتى في العالم، دون حل القضية الفلسطينية، إذ أن استمرار الظلم القومي بحق الفلسطينيين يغذي كل اشكال العنف، ويُستخدم كمبرر لارتكاب المجازر بحق الأبرياء.

• لا يمكن التصدي لنشر الكراهية والعنصرية وطمس الهوية الإنسانية ورفع راية المساواة بين البشر دون إنهاء الظلم القومي ضد الفلسطينيين.

• لا يمكن الانتصار لإنسانيتنا دون إنهاء الاحتلال والاستيطان والقتل الممنهج ضد الشعب الفلسطيني.

• إن دخول الطبقة العاملة في هذا الميدان سيؤدي إلى كشف زيف الصراعات القومية، وسيساعد العمال على إدراك أن هذه الحروب هي في الحقيقة صراعات بين الطبقات البرجوازية الحاكمة، وليست حربنا نحن العمال.

• وأخيرًا، إن انتصار العمال في هذه المعركة، المتمثل في إنهاء الظلم القومي على الفلسطينيين وتأسيس دولتهم المستقلة، يعني إعادة راية المساواة والعدالة الإنسانية إلى يد العمال، ويفتح الطريق أمام المزيد من الانتصارات العمالية في ميادين النضال الطبقي المختلفة.

 بمعنى آخر، نضال جبهتنا العمالية لن يتوقف عند القضية الفلسطينية، بل سيكون منبرًا للمزيد من المعارك العمالية لتحقيق الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية والعيش الكريم.

وفي هذا المؤتمر، ومن اجل تحقيق هدف انهاء الظلم القومي على الشعب الفلسطيني وتأسيس دولته المستقلة التي اكدت عليها شرعية قرارات الأممية. يجب البدء بالخطوات التالية:

نود التأكيد من جديد على جملة من المطالب، والتي سيتم تبنيها ضمن قراراتنا النهائية:

1. رفض وإدانة مخطط التهجير الذي طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمواجهته.

2. الضغط على إسرائيل للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون قيد أو شرط.

3. تحويل الهدنة المؤقتة في غزة إلى وقف دائم لإطلاق النار.

4. إيقاف الحملة العسكرية الوحشية في الضفة الغربية.

5. تنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية باعتقال مجرمي الحرب الإسرائيليين.

6. إيقاف الاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، بما يتماشى مع القوانين الدولية.

7. محاسبة المستوطنين الذين ارتكبوا جرائم بحق الفلسطينيين، والعمل على سنّ قرارات دولية تجرّم أفعالهم.

في الوقت نفسه، أعتقد أن الجبهة يجب أن تصدر، في ختام المؤتمر، نداءً موجّهًا إلى جميع النقابات وقادة العمال والنشطاء في جميع أنحاء العالم للوقوف دفاعًا عن فلسطين، مع الدعوة أيضًا إلى الحرية والعدالة الاجتماعية في مواجهة وحشية الأنظمة الرأسمالية. ينبغي أن تؤكد الجبهة على أنها جزء لا يتجزأ من هذا النضال العالمي.

 

شكرًا لكم مرة أخرى،

عاش التضامن العمالي الأممي!