بيان الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني
بمناسبة الأول من أيار
سيحلّ علينا الأول من أيار، يوم التضامن الأممي للطبقة العاملة، في هذا اليوم، تبرز الطبقة العاملة موحّدة ومتمايزة عن باقي الطبقات الاجتماعية، معلنة عن وجودها كقوة اجتماعية واحدة في مواجهة العالم المقلوب الذي فرضه النظام الرأسمالي؛ عالمٌ قائم على الفقر والتجويع والتشريد والحروب والقتل الممنهج والسياسات العنصرية.
ولضمان استمرارية هذا العالم المقلوب، تسخّر الطبقة الرأسمالية أقلامها المأجورة ومراكز أبحاثها المشبوهة وإعلامها المضلل، لزرع الانقسام في صفوف الطبقة العاملة، ومنع نضالاتها من التقدم نحو تحقيق الحرية والمساواة، لأن ذلك يعني المساس بأرباح الرأسماليين وامتيازاتهم التي تُبنى على عبودية العمل المأجور.
وتُستخدم في سبيل ذلك كل أشكال الخرافات القومية والدينية والعرقية والجندرية، فنرى شعارات على سبيل المثال مثل "أمريكا أولًا"، “ألمانيا أولًا”، و"أوروبا أولًا"، إلى جانب حملات معاداة العمال المهاجرين واللاجئين، وهي أدوات ضرورية لاستمرار النظام القائم على استغلال الإنسان للإنسان.
وما يحدث اليوم في قطاع غزة في فلسطين، هو وجه آخر صارخ لوحشية هذا النظام الرأسمالي الجائر، وتعبير فاضح عن عالمه المقلوب الذي نرزح تحت وطأته، وإن الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، والتي تنفذها الدولة النازية في إسرائيل بمختلف أطيافها، يميناً ويساراً ووسطاً، تجسد الوجه الحقيقي لهذا النظام، الذي طالما حاول ممثلوه السياسيون وأقلامه المأجورة تغليفه بقناع إنساني زائف، لكن ما يجري اليوم يكشف للعالم أن هذا النظام لم يعد قابلاً للتحمل.
لقد مزّقت الحملة الفاشية لدولة إسرائيل على غزة ذلك القناع، وأسقطت معها صرح الديمقراطية وحقوق الإنسان، بل وأسقطت حتى أسطورة التباهي بالحريات السياسية بالمعنى الليبرالي، التي لطالما بشّرت بها الأنظمة البرجوازية الغربية، وإن ما نشهده من حملات لقمع حرية التعبير في الولايات المتحدة، واستهداف الأصوات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، ومحاولات فاشلة لربط أي نقد لإسرائيل بتهمة "معاداة السامية"، ليست سوى امتداد لسياسات مكارثية جديدة، هدفها إسكات كل من يرفع صوته من أجل الحرية والمساواة، كما حدث في منتصف القرن الماضي.
إن نفاق "المجتمع الدولي" يتعرّى بشكل صارخ أمام ما يحدث في غزة، كما في أوكرانيا، فالسياسات الغربية، وعلى رأسها سياسات الاتحاد الأوروبي، تكشف عن وجه عنصري بامتياز، إذ يذرف دموعاً مجانية على سكان غزة دون أن يحرّك ساكناً لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، الذين يحلّقون بطائراتهم في سماء دوله ويُستقبلون رسمياً في عواصمه، بينما يواصلون ارتكاب جرائم الإبادة بحق المدنيين في غزة.
في المقابل، نجد ذات المنابر الإعلامية والسياسية تصرخ وتستشيط غضباً عند مقتل عدد من المدنيين في أوكرانيا، في حين تغضّ الطرف تماماً عن المجازر اليومية التي تُرتكب بحق آلاف المدنيين في غزة.
ومن المؤكد أن قتل المدنيين وترويعهم وتهجيرهم، أينما كان، يجب أن يُدان ويُشجب بلا تردد، لكن ما نشهده من ازدواجية في المواقف، ومن ضجيج متعمّد حول ضحايا أوكرانيا مقابل الصمت المطبق تجاه المجازر في غزة، يعبّر عن سياسة عنصرية فاضحة يمارسها الاتحاد الأوروبي، رغم تبجّحه الدائم بخطاب "حقوق الإنسان".
ما تنعم به البشرية مما تبقى من حرية ورفاهية وقيم إنسانية في الغرب، إنما هو ثمرة نضالات الطبقة العاملة وحركتها التحررية، التي لطالما حاولت الطبقة البرجوازية استئصالها، فالطبقة العاملة هي الحاملة الحقيقية لراية الحرية والمساواة، وهي القوة التي تقف في وجه وحشية هذا العالم الرأسمالي، ومن دونها، يسود الظلم المطلق والسافر والاستغلال بأبشع أشكاله أكثر مما نشهده اليوم وتسود شريعة الغاب.
وعليه، فإن القوة الوحيدة القادرة على وقف حمام الدم في فلسطين، وكسر شوكة النازية والفاشية التي تمثلها دولة إسرائيل في المنطقة، ومعها داعموها من الأنظمة الغربية وسياسات الولايات المتحدة، هي الطبقة العاملة، بوحدتها ونضالها الأممي المنظم.
في الأول من أيار، تناشد الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني الطبقة العاملة في جميع أنحاء العالم، بكل تنظيماتها وتشكيلاتها، بتحمّل مسؤولياتها التاريخية والأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية أممية، وقضية إنسانية بامتياز.
إن تحرر الطبقة العاملة هو مفتاح تحرر البشرية من كل أشكال الاضطهاد القومي، والعرقي، والديني، والجنسي، ويُعدّ الظلم القومي الصارخ الواقع على الشعب الفلسطيني إحدى أبرز قضايا عالمنا المعاصر، التي تلطّخ جبين الإنسانية وتضع على عاتق الطبقة العاملة، باعتبارها حاملة راية التحرر والمساواة، مسؤولية وضع هذه القضية في صدارة نضالاتها.
إن إنهاء الظلم القومي على الشعب الفلسطيني، والمتمثل في الإبادة الجماعية وحرمان العمال الفلسطينيين والشعب الفلسطيني من الحق في العيش في مجتمع آمن وكريم، هو السبيل نحو تحقيق السلام والأمن الحقيقيين في المنطقة.
إن تأسيس دولة فلسطينية مستقلة، حرة وعادلة، هو مطلب أساسي لكل من يناضل من أجل العدالة والتحرر الإنساني.
عاش الأول من أيار يوم التضامن الاممي للطبقة العاملة
الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني
۱۷-۴-۲۰۲۵